كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ إلَخْ) يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَاءَ إذَا وَقَعَ عَلَى خَرْقِ الْأُذُنِ نَزَلَ بِطَبْعِهِ إلَى بَاطِنِهَا وَلَمْ يَتَأَتَّ عَادَةً دَفْعُهُ عَنْ النُّزُولِ وَلَا كَذَلِكَ إذَا وَضَعَ الْمَاءَ فِي نَحْوِ الْفَمِ وَيُمْكِنُ أَنْ لَا يُفْصَلَ فَيَلْتَزِمَ الْفِطْرَ بِلُزُومِهِ لِمَا ذُكِرَ كَمَا تَقَدَّمَ بَحْثُ ذَلِكَ عَنْ نَحْوِ الْأَذْرَعِيِّ فِي مَبْحَثِ الْمُبَالَغَةِ.
(قَوْلُهُ إلَى حَلْقِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ وُصُولَهُ قَهْرًا عَلَيْهِ مُفْطِرٌ وَلَا يَبْعُدُ فِيمَا إذَا اُحْتِيجَ لِلذَّوْقِ أَنْ لَا يَضُرَّ سَبَقُهُ إلَى الْجَوْفِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ الْأَنْوَارِ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَذَوْقِ الطَّعَامِ وَالْعِلْكِ) وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا يَتَفَتَّتُ أَمَّا هُوَ فَإِنْ تَيَقَّنَ وُصُولَ بَعْضِ جِرْمِهِ عَمْدًا إلَى جَوْفِهِ أَفْطَرَ وَحِينَئِذٍ يَحْرُمُ مَضْغُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَكَّ أَوْ وَصَلَ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ؛ لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ وَكَالْعِلْكِ فِي ذَلِكَ اللِّبَانِ الْأَبْيَضِ فَإِنْ كَانَ لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ يَبِسَ وَاشْتَدَّ كُرِهَ مَضْغُهُ وَإِلَّا حَرُمَ قَالَهُ الْقَاضِي شَرْحُ م ر وَأَقُولُ قَوْلُهُ أَوْ وَصَلَ طَعْمُهُ إلَى آخِرِهِ فَلَا يُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ فِي النَّجَاسَةِ أَنَّهُ بَدَلٌ عَلَى الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَيْهَا غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ وَلِهَذَا إذَا نَظَّفَ الْفَمَ بِالْمَاءِ مِنْ الْمُرِّ كَالصَّبْرِ يَبْقَى الطَّعْمُ مَعَ زَوَالِ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا اكْتَفَيْنَا بِهَذِهِ الدَّلَالَةِ فِي النَّجَاسَةِ لِتَحَقُّقِهَا أَوَّلًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا قَالُوهُ فِي حِكْمَةِ الْمَضْمَضَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسْتَحَبُّ إلَخْ) وَلَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ لَيْلًا وَنَوَتْ الصَّوْمَ وَصَلَّتْ أَوْ صَامَ الْجُنُبُ بِلَا غُسْلٍ صَحَّ رَوْضٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ لِئَلَّا يَصِلَ الْمَاءُ إلَخْ) أَيْ وَلِيُؤَدِّيَ الْعِبَادَةَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي هُرَيْرَةَ حَيْثُ قَالَ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ اسْتِحْبَابُ الْمُبَادَرَةِ إلَى الِاغْتِسَالِ عَقِبَ الِاحْتِلَامِ نَهَارًا أَسْنَى وَمُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلِهِ إلَى بَاطِنِ نَحْوِ أُذُنِهِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَغْسِلَ هَذِهِ إنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ الْغُسْلُ الْكَامِلُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ: قَبْلَ الْفَجْرِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ هَذَا لِمَنْ يَتَأَذَّى بِهِ دُونَ مَنْ اعْتَادَهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّرَفُّهِ الَّذِي لَا يُنَاسِبُ حِكْمَةَ الصَّوْمِ. اهـ. وَفِي الْأَسْنَى وَالْإِيعَابِ وَالنِّهَايَةِ نَحْوُهَا قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَنْ الْحِجَامَةِ) أَيْ مِنْهُ لِغَيْرِهِ وَعَكْسِهِ شَرْحُ بَافَضْلٍ أَيْ: وَمِنْ غَيْرِهِ لَهُ.
(قَوْلُهُ عَنْ الْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ) أَيْ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُهُ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ جَزَمَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِكَرَاهَتِهِ وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ يُكْرَهُ أَنْ يَحْجُمَ غَيْرَهُ أَيْضًا مُغْنِي.
(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ فِيهِمَا) أَيْ: مِنْ أَنَّهُمَا يُضْعِفَانِهِ.
(قَوْلُهُ بَلْ يُكْرَهُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ احْتَاجَ إلَى مَضْغِ نَحْوِ خُبْزٍ لِطِفْلِ لَمْ يُكْرَهُ نِهَايَةٌ وَإِيعَابٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ احْتَاجَ إلَخْ قَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِ عَلَى ذَلِكَ كَرَاهَةُ ذَوْقِ الطَّعَامِ لِغَرَضِ إصْلَاحِهِ لِمُتَعَاطِيهِ وَيَنْبَغِي عَدَمُ كَرَاهَتِهِ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مُفْطِرٌ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُعْرَفُ إصْلَاحُهُ مِثْلَ الصَّائِمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ إلَى حَلْقِهِ) قَضِيَّتُهُ إنَّ وُصُولَهُ قَهْرًا عَلَيْهِ مُفْطِرٌ وَلَا يَبْعُدُ فِيمَا إذَا اُحْتِيجَ إلَى الذَّوْقِ أَنْ لَا يَضُرَّ سَبْقُهُ إلَى الْجَوْفِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ الْأَنْوَارِ سم.
(قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ) إلَى قَوْلِهِ وَالْكَلَامُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ وَالْكَلَامُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا يَتَفَتَّتُ أَمَّا هُوَ فَإِنْ تَيَقَّنَ وُصُولَ بَعْضِ جِرْمِهِ عَمْدًا إلَى جَوْفِهِ أَفْطَرَ وَحِينَئِذٍ يَحْرُمُ مَضْغُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَكَّ أَوْ وَصَلَ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ؛ لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ وَكَالْعِلْكِ فِي ذَلِكَ التَّفْصِيلِ اللِّبَانُ الْأَبْيَضُ فَإِنْ كَانَ لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ يَبِسَ وَاشْتَدَّ كُرِهَ مَضْغُهُ وَإِلَّا حَرُمَ قَالَهُ الْقَاضِي. اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر اللِّبَانُ الْأَبْيَضُ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالشَّامِيِّ وَقَوْلُهُ م ر لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ أَيْ: مَاءُ الْفَمِ وَهُوَ الرِّيقُ أَوْ مَا يُدْخِلُهُ فَمَهُ لِإِيبَاسِهِ وَقَوْلُهُ م ر وَاشْتَدَّ أَيْ: بِحَيْثُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ. اهـ.
(وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَقُولَ عِنْدَ فِطْرِهِ) أَيْ: عَقِبَهُ (اللَّهُمَّ لَك) قُدِّمَ إفَادَةً لِكَمَالِ الْإِخْلَاصِ أَيْ: لَا لِغَرَضِ وَلَا لِأَحَدٍ غَيْرِك (صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِك) أَيْ الْوَاصِلِ إلَيَّ مِنْ فَضْلِك لَا بِحَوْلِي وَقُوَّتِي (أَفْطَرَتْ) لِلِاتِّبَاعِ وَلَا يَضُرُّ إرْسَالُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَضَائِلِ عَلَى أَنَّهُ وَصْلٌ فِي رِوَايَةٍ وَرَوَى أَبُو دَاوُد «ذَهَبَ الظَّمَأُ» وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ «اللَّهُمَّ ذَهَبَ الظَّمَأُ» وَلَمْ أَرَهَا فِي أَبِي دَاوُد «وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» وَغَيْرُهُ «يَا وَاسِعَ الْفَضْلِ اغْفِرْ لِي» (وَ) يُسَنُّ أَيْ: يَتَأَكَّدُ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ وَإِلَّا فَذَلِكَ سُنَّةٌ فِي كُلِّ زَمَنٍ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ أَيْ: عَقِبَهُ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَعِبَارَةُ الْإِيعَابِ عَقِبَ تَنَاوُلِ الْمُفْطِرِ قَالَ سُلَيْمٌ وَنَصْرُ الْمَقْدِسِيَّ وَيُسَنُّ أَنْ يَعْقِدَ نِيَّةَ الصَّوْمِ حِينَئِذٍ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَكَانَ وَجْهُهُ خَشْيَةَ الْغَفْلَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ وَزَادَ الدَّارَقُطْنِيّ «فَتَقَبَّلْ مِنِّي إنَّك أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَقْدِسِيَّ يَزِيدُ بَعْدَ «أَفْطَرْتُ سُبْحَانَك وَبِحَمْدِك تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّك أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ اللَّهُمَّ إنَّك عَفْوٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» قَالَ الْمُتَوَلِّي وَيُسَنُّ أَنْ يَزِيدَ «وَبِك آمَنْتُ وَعَلَيْك تَوَكَّلْتُ وَلِرَحْمَتِك رَجَوْتُ وَإِلَيْك أَنَبْتُ» إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ وَرُوِيَ) إلَى قَوْلِهِ وَغَيْرُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى وَابْتَلَّتْ.
(قَوْلُهُ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ) أَيْ: وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلٍ اللَّهُمَّ ذَهَبَ إلَخْ أَيْ: بِزِيَادَةِ اللَّهُمَّ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَهَا فِي أَبِي دَاوُد) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَرُوِيَ أَيْضًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْرَأَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ فَلَا يَلْزَمُ كَوْنُ الرَّاوِي أَبَا دَاوُد بَصْرِيٌّ أَقُولُ صَنِيعُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي حَيْثُ قَالُوا عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ «وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت» مَا نَصُّهُ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُرْسَلًا وَرُوِيَ أَيْضًا «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ حِينَئِذٍ اللَّهُمَّ ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى». اهـ. كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ رُوِيَ بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ أَبَا دَاوُد رَوَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ سُنَنِهِ أَوْ فِيهِ وَنُسَخُهُ مُخْتَلِفَةٌ.
(قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ أَبِي دَاوُد.
(قَوْلُهُ «يَا وَاسِعَ الْفَضْلِ اغْفِرْ لِي») وَوَرَدَ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعَانَنِي فَصُمْتُ وَرَزَقَنِي فَأَفْطَرْت» إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ إلَخْ) وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُفَطِّرَ الصَّائِمِينَ بِأَنْ يُعَشِّيَهُمْ لِخَبَرِ: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ أَجْرُ صَائِمٍ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ عَشَائِهِمْ فَطَّرَهُمْ عَلَى شَرْبَةِ مَاءٍ أَوْ تَمْرَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لِمَا رُوِيَ «أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ كُلّنَا يَجِدُ مَا يُفَطِّرُ بِهِ الصَّائِمَ فَقَالَ يُعْطِي اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى تَمْرَةٍ أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ أَوْ مَذْقَةِ لَبَنٍ» مُغْنِي وَشَرْحُ الرَّوْضِ وَنِهَايَةٌ زَادَ الْإِيعَابُ وَأَكْلُهُ مَعَهُمْ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُجَابَرَتِهِمْ وَمَزِيدِ بِرِّهِمْ وَلَوْ كَانَ الصَّائِمُ قَدْ تَعَاطَى مَا أَبْطَلَ ثَوَابَهُ فَهَلْ يَحْصُلُ لِمُفْطِرِهِ مِثْلُ أَجْرِهِ لَوْ سَلِمَ صَوْمُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَاللَّائِقُ بِسَعَةِ الْفَضْلِ الْحُصُولُ. اهـ. وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ وَيُسَنُّ لِلْمُفْطِرِ عِنْدَ الْغَيْرِ أَنْ يَقُولَ مَا صَحَّ: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُ إذَا أَفْطَرَ عِنْدَ قَوْمٍ وَهُوَ أَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ». اهـ.
(أَنْ يُكْثِرَ الصَّدَقَةَ وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانَ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ غَرِيبٌ «أَيْ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ قَالَ صَدَقَةٌ فِي رَمَضَانَ» وَلِأَنَّ الْحَسَنَاتِ تُضَاعَفُ فِيهِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ فَيَعْرِضَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ» (وَأَنْ يَعْتَكِفَ) فِيهِ كَثِيرًا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِصَوْنِ النَّفْسِ وَتَفَرُّغِهَا لِلْعِبَادَةِ (لَاسِيَّمَا) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَقَدْ تُخَفَّفُ وَيَجُوزُ فِي الِاسْمِ بَعْدَهَا الْجَرُّ وَهُوَ الْأَرْجَحُ وَقَسِيمَاهُ وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا قَبْلَهَا (فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْهُ) فَيَتَأَكَّدُ لَهُ إكْثَارُ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ لِلِاتِّبَاعِ وَرَجَاءِ مُصَادَفَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ؛ إذْ هِيَ مُنْحَصِرَةٌ فِيهِ عِنْدَنَا كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْكَثِيرَةُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَإِنْ كَانَ قَالَهُ أَوَّلَ لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ قَبْلَهَا طَلُقَتْ فِي اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ فِي يَوْمِ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَثَلًا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا فِي لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ السَّنَةِ الْآتِيَةِ نَعَمْ لَوْ رَآهَا فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مَثَلًا مِنْ سَنَةِ التَّعْلِيقِ فَهَلْ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ طَافِحٌ بِأَنَّهَا تُدْرَكُ وَتُعْلَمُ فَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِيمَنْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ بَلْ قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ مَنْ يُعْتَقَدُ صِدْقُهُ بِأَنَّهُ رَآهَا حَنِثَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ عَلَامَاتِهَا خَفِيَّةٌ جِدًّا وَمُتَعَارِضَةٌ فَرُؤْيَةُ بَعْضِهَا أَوْ كُلِّهَا لَا تَقْتَضِي الْحِنْثَ؛ لِأَنَّهُ لَا حِنْثَ بِالشَّكِّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إنْ حَصَلَ عِنْدَهُ مِنْ الْعَلَامَاتِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ وُجُودُهَا وَقَدْ أَوْقَعُوا الطَّلَاقَ بِنَظِيرِ ذَلِكَ فِي مَسَائِلَ تُعْرَفُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي بَابِهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَاسِيَّمَا) سِيُّ مِنْ سِيَّمَا اسْمٌ بِمَنْزِلَةِ مِثْلٍ وَزْنًا وَمَعْنًى وَعَيْنُهُ فِي الْأَصْلِ وَاوٌ إلَّا أَنَّهَا قُلِبَتْ يَاءً لِاجْتِمَاعِهَا سَاكِنَةً مَعَ الْيَاءِ الْمُتَأَخِّرَةِ قَالَ الدَّمَامِينِيُّ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ: وَدُخُولُ الْوَاوِ عَلَى لَا وَاجِبٌ قَالَ ثَعْلَبٌ مَنْ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى خِلَافِ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ وَلَاسِيَّمَا يَوْمٌ بِدَارَّةِ جَلْجَلٍ فَهُوَ مُخْطِئٌ هَذَا كَلَامُهُ وَسَيَأْتِي فِي الْأَصْلِ خِلَافُ هَذَا. اهـ. وَقَوْلُهُ وَسَيَأْتِي إلَى آخِرِهِ إشَارَةٌ لِقَوْلِ التَّسْهِيلِ وَقَدْ يُقَالُ لَاسِيَّمَا بِالتَّخْفِيفِ أَيْ: وَحَذْفِ الْوَاوِ. اهـ.
وَفِي الرِّضَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاوَ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى لَاسِيَّمَا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ اعْتِرَاضِيَّةٌ؛ إذْ مَا بَعْدَهَا بِتَقْدِيرِ جُمْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَالسِّيُّ بِمَعْنَى الْمِثْلِ فَمَعْنَى جَاءَنِي الْقَوْمُ وَلَاسِيَّمَا زَيْدٌ أَيْ: وَلَا مِثْلُ زَيْدٍ مَوْجُودٌ بَيْنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ جَاءُونِي أَيْ: هُوَ كَانَ أَخَصَّ بِي وَأَشَدَّ إخْلَاصًا فِي الْمَجِيءِ وَخَبَرُ لَا مَحْذُوفٌ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِي الِاسْمِ بَعْدَهَا الْجَرُّ قَالَ فِي التَّسْهِيلِ بِالْإِضَافَةِ وَمَا زَائِدَةٌ وَقَوْلُهُ وَقَسِيمَاهُ أَيْ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ كَمَا فِي التَّسْهِيلِ قَالَ الدَّمَامِينِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحَذْفُ وَاجِبًا؛ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ مَسْمُوعٌ وَالنَّصْبُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي التَّسْهِيلِ وَتَارَةً يَكُونُ الِاسْمُ نَكِرَةً فَنَصْبُهُ عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَتَارَةً يَكُونُ مَعْرِفَةً وَالْجُمْهُورُ عَلَى امْتِنَاعِ انْتِصَابِهِ وَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَوْ عَلَى أَنَّ مَا كَافَّةٌ وَأَنَّ لَاسِيَّمَا نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ إلَّا لِلِاسْتِثْنَاءِ فَتَنْتَصِبُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ قَالَ فِي التَّسْهِيلِ وَقَدْ تُوصَلُ بِظَرْفٍ أَوْ جُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ. اهـ. أَيْ: كَقَوْلِك يُعْجِبُنِي الِاعْتِكَافُ وَلَاسِيَّمَا عِنْدَ الْكَعْبَةِ أَيْ: وَكَمَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالظَّرْفِ مَا يَشْمَلُ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ كَقَوْلِك يُعْجِبُنِي كَلَامُك زَيْدًا لَاسِيَّمَا بِعِظَةٍ قَالَ فِي التَّسْهِيلِ وَإِنْ جُرَّ أَيْ الِاسْمُ بَعْدَ لَاسِيَّمَا فَبِالْإِضَافَةِ وَمَا زَائِدَةٌ وَإِنْ رُفِعَ فَخَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَمَا بِمَعْنَى الَّذِي أَيْ: أَوْ نَكِرَةٍ مَوْصُوفَةٍ. اهـ. قَالَ الدَّمَامِينِيُّ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ وَجْهَيْ الرَّفْعِ وَالْجَرِّ فَفَتْحُهُ أَيْ: سِيَّ إعْرَابٌ؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ ثُمَّ قَالَ فِي وَجْهِ النَّصْبِ إنَّ مَا كَافَّةٌ وَالْفَتْحَةُ بِنَاءٌ مِثْلُهَا فِي لَا رَجُلَ.